الآيات (22 - 24) سورة الطّور، اللقاء (15)


الثلاثاء 2023-03-21

تأمّل في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي

‎{وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ}.

‎ما زالت الآيات تتحدث عن نعيم أهل الجنة، فبعد أن منّ عليهم ربّهم ووقاهم عذاب الجحيم ثم دعاهم إلى التمتع بأنواع الطعام والشراب وهم متكئون على السرر المصفوفة مع أزواجهم من الحور العين، وكذلك ألحق بهم ذريتهم كما تقدم في الآيات السابقة، ولكي لا يظن ظان أن تلك النعم مقطوعة أو ممنوعة جاءت هذه الآية بالتأكيد على استمرار ذلك الفضل وتلك النعم بقوله: {وَأَمْدَدْنَاهُموالمدد: هو العطاء المتصل الذي لا انقطاع فيه، ثم ذكر أحب الأشياء وأفضل الطعام والشراب وهو الفاكهة وأنواع اللحم مما يشتهون، كما تذكر لنا الآيات وهي تصور لنا ذلك المشهد لأصحاب الجنة وهم، {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًاوالكأس: إناء يشرب فيه الخمر، لا عروة له ولا خرطوم، فتراهم يتجاذبون كؤوس الخمر فيما بينهم، فهذا ينزع لذاك أي يباشره ويقدم له الكأس وذاك ينزع للآخر في منظر بهي يوحي بالمتعة والسعادة الغامرة، ولئن كانت الخمر في الدنيا تُذهب العقل وتجعل الإنسان يلغو ويرتكب الإثم، إلا أن الخمر في الجنة، {لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ}، فنزه الله تعالى خمر الآخرة عن خمر الدنيا وأذاها، فنفى عنها صداع الرأس، ووجع البطن، وإزالة العقل، {لَّا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ}، وأخبر أنها لا تحملهم على الكلام السيئ المتضمن هذيانًا وفحشًا، وأخبر بحسن منظرها، وطيب طعمها ومخبرها، {يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ * بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ * لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ}، ويخدمهم غلمان خاصون بهم يطيعونهم، كأنهم اللؤلؤ المكنون، بهيئتهم وبهائهم وحسنهم وإتقان عملهم.