فضل الله ورحمته


الخميس 2024-04-11

(وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ)

وقفات تأمّلية: " فضل الله ورحمته"

الفضل: هو ما بقي من الشيء.

وذو الفضل: أي المُنعم بما لا يلزمه، وهو من صفات الله - الحسنى، كما ورد ذكر فضل الله تعالى – على عباده بآيات كثيرة في مواضع متعددة من القرآن الكريم- ومنها قوله عز وجل- (فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ)، (وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)، (وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، (وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)، (فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)، (ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ عَلِيمًا)، (وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ)، (لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ)، (وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)، وغيرها من الآيات التي تتحدث عن فضله تعالى - ورحمته بعباده، والفضل هو الزّيادة في الخير أو الأجر، وفَضْلُ اللَّهِ - أي أن الله تعالى هو صاحب الفضل والنعم على عباده، ولا ريب أن أفضال الله تعالى - على عباده في الدنيا والآخرة لا يمكن حصرها لعظمها.

وبصفة عامة: فلا يصيب العبد أمر نافع في دين أو دنيا إلا وهو من فضل الله تعالى - عليه، وأما النقص والعيب والخلل فمن كسب العبد، وإن كان الجميع بقضاء الله وقدره، (إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ)، أكثرهم لا يشكرون له بالطاعة وإخلاص العبادة، (وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِأي: والله - ذو العطاء الكثير - الواسع – الْكَبِيرُ، (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْمِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا).

ولقد قرر الله تعالى في كتابه الكريم أنّ الرحمةَ لا تزول عنه أبداً، كما قال سبحانه: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} ، وقد ظهرت آثار رحمته في الخليقة كلها، فما مِنْ أحدٍ مسلمٍ أو كافرٍ إلا وعليه من آثار رحمته في هذه الدنيا، ففيها يتعايشون، ويؤاخون، ويوادُّون، وفيها يتقلَّبون، لكنّها للمؤمنين خاصةً في الآخرة، لا حظّ للكافرين فيها، ومن أجلّ مظاهر رحمة الله - أن بعث لهم رسله تترى، ثم بعث خاتم أنبيائه، وسيد رسله، وصفوته من خلقه محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه؛ الذي امتنَّ به على الأمة، وكشف به الظلمة، وأزاح به الغمة، وجعله رحمة للعالمين أجمعين: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}، وقد حدَّث النبي صلى الله عليه وسلم عن رحمة الله تعالى، ومبلغ سعتها وكنهها، فقال: "لَمّا قَضى اللَّهُ الخَلْقَ، كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إن رحْمَتي سَبَقَتْ غَضَبِي"، كما قال : "جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِئَةَ جُزْءٍ، فأمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وتِسْعِينَ جُزْءًا، وأَنْزَلَ في الأرْضِ جُزْءًا واحِدًا، فَمِنْ ذلكَ الجُزْءِ يَتَراحَمُ الخَلْقُ، حتّى تَرْفَعَ الفَرَسُ حافِرَها عن ولَدِها، خَشْيَةَ أنْ تُصِيبَهُ".

نسأله عز وجل - بفضله وبرحمته - أن يهب لنا من فضله العظيم، ومن رحمته الواسعة، ما يصلح به أمر ديننا ودنيانا وآخرتنا، لنا ولوالدينا وذرياتنا والمسلمين.

 

‏‫