الآيات (15-19) من سورة النازعات، اللقاء (03)


الأربعاء 2024-04-24

تأمّل في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي

{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ * إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ * وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ}.

تحدثت الآيات السابقة عن حال المكذبين بالبعث يوم القيامة، وهذه من أقبح قصص المكذبين وأطغاهم، وبدأت أحداثها عندما كان موسى عليه الصلاة والسلام، عائدًا مع أهله إلى مصر، فظهر له نور عظيم، ظن أنه نار، فسار نحو ذلك النور لعله يجد عنده ما يستعين به في سفره، عندئذٍ وفي وادي طُوى، وهو من أرض سيناء، وجد الله عز وجل يناديه بقوله: {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}، وطلب منه أن يذهب إلى فرعون، "حاكم مصر في ذلك الزمان" لأنه طغى واستكبر وتجبر بقتل أطفال بني إسرائيل الذكور خوفًا من أن يظهر منهم من يكشف كذبه ويزيل ملكه، ويستحيي النساء منهم ليتخذهن خدمًا ويستعبدهن.

{فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ}، رغم كفره وظلمه إلا أن الله تعالى طلب من رسوله أن يقول له قولًا لينًا، لعله يزكي نفسه ويطهرها من الكفر والفسوق والطغيان، والمقصود بالاستفهام هنا: الحض والترغيب في الاستجابة للحق.

{وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ أي أرشدك إلى الطريق الذى يوصلك إلى رضى ربك، فتخشى عقابه بأداء ما ألزمك به من فرائضه، واجتناب ما نهاك عنه من معاصيه، لأن الخشية لا تكون إلا بالمعرفة، وذكر الخشية، لأنها ملاك الأمر، فمن يخشى الله يُرجى منه الخير، ومن لا يخشاه فلا يؤتمن، ولا يُرتجى منه خير، وبهذه الآيات وهذا التوجيه الحكيم، يُرشدنا سبحانه إلى أسمى ألوان الدعوة إلى سبيله، بالحكمة والموعظة الحسنة، مهما كانت معصية العاصي أو ظلمه وطغيانه.