• icon لوحة التحكم
  • icon

icon الخميس 2021-05-27

معية الله تعالى لعباده (21)

  • تسجيل اعجاب 1
  • المشاهدات 479
  • التعليقات 0
  • Twitter
معية الله تعالى لعباده (21)
  1. icon

    إعداد / د. صديق بن صالح فارسي

  2. icon

    اجتماعي

بِسْم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

إذا كنت ممن يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة، فأبشر فقد تكون في معية الله تعالى، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ)، أي يعطون ما أعطَوا، وينفقون ما ينفقون، ويعملون ما يعملون من خير، وقلوبهم وجلة، أي: خائفة، مشفقة، لأنهم لا يعرفون هل هي مقبولة منهم أم أن فيها ما يبطل أعمالهم من سمعةٍ أو رياء أو نيةٍ غير مخلصة لله فيما قدموه ابتغاء رضوان ربّهم عز وجل؟

وهل ما قاموا به موافق لما أمر الله به وشرع أم أنه غير مطابق للقرآن والسنة؟

إن الوضع المألوف والطبيعي هو أن الإنسان عندما يقدم شيء ما لغيره فهو أمام أحد أمرين:

إما الفرح أو الحزن، فهو إما أنه فرح بما قدم، ويشعر بالسعادة والنشوة والفخر لما قام به من عمل، أو أنه قد يشعر بالحزن على فقدان ما قدمه لغيره، وعلى التعب والنصب الذي قد لحقه من جراء قيامه بجهد العمل والأداء فيما قدمه أو قام به جهد، أما أن يقدم ما قدّم من خير وعمل صالح، وجهد وتعب ثم هو خائف وجل مشفق، فهذا هو الوضع الاستثنائي لفئة من عباد الله المخلصين، وصفة منصفات الذين قد صفت نفوسهم، وطهرت قلوبهم، فأكرمهم الله تعالى بأن أصبحوا مسارعين في الخيرات، وحبب إليهم القيام بالطاعات، ويسرها لهم، ودلهم عليها، ووفقهم للقيام بها وأعانهم عليها.

إنهم عباد الله المخلصين الذين قد وجلت قلوبهم وأشفقت من ترقب وانتظار ذلك اليوم الذي يقفون فيه بين يدي ربهم تبارك وتعالى، ذلك اليوم الذي يرجعون فيه إلى الله، حفاة عراة كيوم ولدتهم أمهاتهم، ذلك اليوم الموعود الذي تأتي فيه كل نفس معها سائق وشهيد، معها سائق يسوقها إلى الله، وشهيد يشهد عليها بما عملت في الدنيا من خير أوشرّ، ذلك اليوم الذي تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها، ذلك اليوم الذي يفر فيه المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، أي من زوجته وأبناءه، ذلك اليوم الذي لكل امرئ منهم يومئذٍ فيه شأن يغنيه، وشغله الشاغل له بنفسه عن غيره، إذن هم المشفقون من هذه العودة، والخائفون الوجلون المشفقون من أهوال يوم القيامة، لذلك هانت عليهم نفوسهم، وقدموا كل ما يستطيعون من أعمال ومن نفقات ومن بر وإحسان بالقول والعمل وبكل وسيلة ممكنة، للقريب والبعيد، ولمن يستحق ومن لا يستحق، ولمن أعطاهم ولمن منعهم أو حرمهم، ولمن يعرفون ومن لا يعرفون من عامة الناس، كل ذلك ظناً منهم أي يقيناً منهم بلقاء رب العالمين، يوم لا ينفعهم مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.

يقول ربّنا عز وجل: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى)، فالعطاء ليس بالمال فقط، بل أعطي كل ما تستطيع إعطاءه، ولا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق، فلا تبخل بالعطاء في كل شيء، ومن كل شيء، وبكل شيء تستطيع أداءه أو القيام به أو إعطاءه لمن

يحتاج إليه من الناس، ولو بالابتسامة، فتبسمك في وجه أخيك صدقة، فإن لم تستطع فعلى الأقل كف أذاك عن الناس، فإزالة الأذى صدقة عنك، قدم ما تستطيع وقلبك خائف وجل مشفق بما تقدمه بأن يكون خالصاً لله، ورغبة فيما عند الله تعالى، ورهبة من ذنوبك وخطاياك وتقصيرك في جنب الله تبارك وتعالى، لتفوز بمعية الله لك، ومن كان الله معه فلا ينقصه شيء، ولن يضيره شيء، وقد فاز بكل شيء، جعلنا الله واياكم ممن يسارعون في الخيرات وهم لها من السابقين لغيرهم، والحمد لله القائل في محكم كتابه: (إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ).

أضف تعليقك...

  • 3474 زيارات اليوم

  • 46445085 إجمالي المشاهدات

  • 2986600 إجمالي الزوار