• icon لوحة التحكم
  • icon

icon الخميس 2021-06-10

معية الله تعالى لعباده، (28)

  • تسجيل اعجاب 1
  • المشاهدات 532
  • التعليقات 0
  • Twitter
معية الله تعالى لعباده، (28)
  1. icon

    خاص صحيفة عيون

  2. icon

    إعداد / د. صديق بن صالح فارسي

  3. icon

    اجتماعي

بِسْم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

السؤال السادس: هل نحن من (وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ)، الذين جاء ذكرهم والثناء عليهم في الآية الكريمة، بما أعده الله تعالى لهم من مغفرةً وأجراً عظيمًا؟

(وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ): الخشوع لله تعالى عبادة بلا مجهود ولا تكلفة، فهي لا تكلفك قيام ولا زحام ولا إنفاق ولا حركة ولا شيء مما قد يصعب على النفس أداءه، فكيف نعجز عن القيام به، رغم سهولته، فهو عمل قلبي يظهر أثره على الجوارح، يستطيع القيام به الصحيح والقوي والضعيف والصحيح والمريض، وعلى كل الأحوال سواءً كان ماشياً أو راكباً، ومضجعاً أو جالساً أو قائماً، وأفضل الخشوع ما كان في الصلاة، لأنها لحظات المثول بين يدي ملك الملوك جلّ وعلا.

عند سماع ذكر الله اخشع، عند سماع الأذان اخشع، عندما يقال لك اتقِ الله اخشع، عندما تنظر إلى عجائب صنع الله وآياته القرآنية أو الكونية أو التكوينية اخشع، عندما يقال لك أعفو من أجل الله اخشع، وعندما تتهيأ للصلاة اخشع، عود نفسك على الخشوع تعظيماً لله في كل موقف يذكر فيه الله، أو يذكرك بالله تعالى.

اخشع حتى تفيض عيناك من الدمع، فإن لم تبكي فتباكى، أي أعصر عينيك وقل لها يا عين ادمعي تعظيماً لربك، قبل أن تتجمدي.

فما هو الخشوع، وكيف نقوم به، وما جزاء الخاشعين والخاشعات، ومتى وكيف يكون العبد في معية مولاه تبارك تعالى؟

الخشوع: هو الخضوع والتواضع ورمي البصر إلى الأرض، وخفض الصوت، وسكون الأعضاء، وحضور القلب.

أما عن لذة الخشوع، فحدث ولا حرج ولن نستطيع وصفها، ولن يعرفها إلا من قد ذاق طعمها، ولا يوفق إلى القيام بالخشوع إلا من قد امتلاء قلبه بخشية الله تعالى، وخشية الله تحصل لمن قد علم عن الله، وعرف الله تعالى بأسمائه الحسنى وبصفاته العُلى، قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)، والعلماء في الآية ليست مقصورة على المتخصصين في العلم الشرعي فقط، بل إن كل مسلم مطالب بأن يعلم عن الله، ويتعرف على الله تعالى بأسمائه وصفاته، قال عليه الصلاة والسلام : (إنَّ للهِ تسعةً وتسعينَ اسمًا مَن أَحصاها دَخلَ الجنَّةَ).

وهناك أيضاً أسماء أخرى لله تعالى غير التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، ودليل ذلك دعاء رسول الله صل الله عليه وسلم بقوله: (اللهمّ إني أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سميتَ به نفسَك أو أنزلتَه في كتابِك أو علمته أحدًا من خلقِك أو استأثرت به في علمِ الغيبِ عندك، أن تجعلَ القرآنَ العظيمَ ربيعَ قلبي ونورَ صدري وجلاءَ حزني وذهابَ همّي وغمّي).

ومعنى أحصاها لا يعني مجرد ذكر الأسماء وترديدها فقط، إنما تعني أحاط بها علماً وفقهاً وعملاً، والعمل بمقتضاها، والتخلق بها، والتقيد بمعانيها، وحبها وملازمة التعلق بها، والخشوع

عند سماعها بالقلب والجوارح، فالقلب الذي يحصيها جدير بأن يكون صاحبه من الخاشعين أو الخاشعات، فإذا ما خشع القلب خشعت الجوارح وانقادت له.

أما الجزاء والثواب الذي أعده الله تعالى للخاشعين والخاشعات فهو قوله تعالى: (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)، ذلك في الآخرة، أما في الحياة الدنيا فيكفيهم شرفاً وعزةً وكرامةً أن يكونوا في معيةً الله تعالى، يكلأهم برعايته وعنايته، وحفظه وتوفيقه، ومن كان الله معه فلن ينقصه شيء.

اللهم اجعلنا من الخاشعين والخاشعات، الذين يتعبدون ربهم بأسمائه وصفاته وبالتفكر في آياته القرآنية، وآياته الكونية والتكوينية، قال تعالى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، فإن الذين يتفكرون في آياته، حريّ بهم أن يدركوا عظمة ربهم، وواسع قدرته، وجميل صفاته، وخشيته سبحانه، اللهم عرفنا بك وبأسمائك وصفاتك وآياتك وآلائك، واجعلنا تخشاك كأننا نراك، فالخشية من الله تعالى تورث الخشوع والخضوع له سبحانه.

الخشية من الله تعالى تقي من عذاب النار، قال عليه الصلاة والسلام: (عينانِ لا تمسَّهُما النار: عينٌ بكتْ من خَشيةِ الله، وعينٌ باتتْ تَحْرُسُ في سبيلِ اللهِ)، والخشوع مع المسارعة في الخيرات والدعاء بالرغبة والرهبة، هي من أسباب استجابة الدعاء، قال تبارك وتعالى : (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)، أي: وكانوا لنا مُتواضِعينَ خاضِعينَ، مُتذَلِّلينَ لا يَستكبِرونَ عن عبادتِنا ودُعائِنا، قد انكَسَرت قلوبُهم لله، وسكَنَت عن الالتِفاتِ إلى غَيرِه.

الخشوع من أسباب مغفرة الذنوب، قال عليه الصلاة والسلام: (ما من امرئٍ مسلمٍ تحضُرُه صلاةٌ مكتوبةٌ، فيُحسِنُ وضوءَها وخشوعَها وركوعَها، إلا كانت كفارةً لما قبلَها من الذنوبِ، ما لم تُؤْتَ كبيرةٌ، وذلك الدَّهرَ كلَّه).

الخشوع هو أول ما يُرفع من هذه الأمة، عنه صل الله عليه وسلم: (أوَّلُ شيءٍ يُرْفَعُ مِنْ هِذِهِ الْأُمَّةِ الخشوعُ حتى لا تَرى فيها خاشِعًا)، نسأل الله العافية والسلامة، فهنيئاً للخاشعين والخاشعات، جعلنا الله منهم، ووالدينا وذرياتنا اجمعين، لنكون في معيته تبارك وتعالى في الدنيا، ونفوز بوعده في الآخرة بالمغفرة والأجر العظيم، فلقد كان من دعاء نبينا محمد عليه الصلاة والسلام قوله : ( اللهم إني أعوذُ بك من قلْبٍ لا يخشعُ، ومن دعاءٍ لا يُسْمَعُ، ومن نفْسٍ لا تشبعُ، ومن علْمٍ لا ينفعُ، وأعوذُ بك من هؤلاءِ الأرْبَع)، والحمد لله رب العالمين.

أضف تعليقك...

  • 4501 زيارات اليوم

  • 46446089 إجمالي المشاهدات

  • 2986623 إجمالي الزوار