1. 

   إعداد / د. صديق بن صالح فارسي

2. 

   اجتماعي

خلق الله تعالى الملائكة وميزهم بالعقل ولكنّهُ لم يُعطي لهم الإرادة فيما يفعلون، فهم يفعلون ما يؤمرون به ولا يعصون الله طرفة عين، وخلق سبحانهُ الجبال وغيرها من الجمادات التي ليس لها عقل تتفكر بِه، وكذلك ليس لها الإرادة في أن تفعل ما تُرِيد، كما أنه تبارك وتعالى خلق الحيوانات ولم يميّزُها بالعقل الذي تعقل به، ولكن جعل لها الإرادة في أن تفعل ما تُرِيد، أمّا الإنسان فقد كرّمه الله وفضله على كثير ممن خلق، فأعطاه الإرادة بأن يفعل ما يُرِيدُ، ثم ميّزه عز وجل بالعقل الذي يحكم ويتحكم بِه في تلك الإرادة، فهو بعقله وحكمته، وإرادته وقدرته على ضبطها بعقله، أصبح مؤهلاً لحمل الأمانة، (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)، والإباء من السماوات والأرض ليس المقصود مِنْهُ العصيان لأمر الله تعالى وعدم الطاعة، فلا شيء من مخلوقات الله بمقدوره مخالفة أوامر الله ونواهيه، (ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)، إلا أنهما لم تكن لديهما المقدرة على حمل الإمانة لأنهما لم تُعطيا العقل ولا الإرادة.

أمّا الإنسان فقد خُلق وهو مهيأ بالعقل والإرادة، لكي يحمل الأمانة بعمارة الأرض بالطاعات والعبادات لرحمان الأرض والسماوات، ثم أنه سبحانه أرسل إليهم الرسل عليهم الصلاة والسلام بالكتب السماوية، مبشرين لهم بالجنة التي عرضها السماوات والأرض التي أعدت للمتقين الذين جعلوا عقولهم تضبط إرادتهم وفق مراد الله تعالى ومنهجه وشرعه الذي ارتضاه لعباده، ومنذرين بالنار وبئس المصير للظالمين الذين لم يجعلوا عقولهم تتحكم في إرادتهم وشهواتم وأهوائهم.

ومجمل القول: هو أن حمل الأمانة يتطلب الإرادة في أن تفعل أولا تفعل، والإرادة تحتاج إلى العقل الذي يُرشدها للتي هي أقوم، والعقل يحتاج للتقوى التي ترشده إلى الصراط المستقيم، والهداية إلى صراط الله المستقيم هو ما جاءت بِه آيات كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه، وسنة رسوله الذي لا ينطق عن الهوى، قال عليه الصلاة والسلام:(تركتُ فيكم شيئَينِ، لن تضِلوا بعدهما: كتابَ اللهِ، و سُنَّتي، و لن يتفرَّقا حتى يَرِدا عليَّ الحوضَ)!

فهل استطعت ضبط الإرادة التي منّ الله تعالى بها عليك في أن تفعل ما تشاء في مختلف شؤون حياتك بالعقل الذي قد أنعم الله تعالى بِه عليك؟. 

أم أنك اتبعت نفسك هواها وتمنيت على الله الأماني؟؟

هذا والله اعلم وأجلّ وأعظم وأكرم !