الثلاثاء 2024-03-26
الآيات (20-22) سورة الإنسان، اللقاء (09)
تأمّل في مغْزى الآيات، بمنظور اجتماعي
-
إعداد / د. صديق بن صالح فارسي
-
اجتماعي
{وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا * عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ ۖ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا * إِنَّ هَٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا}.
الجزاء الحسن، والسعي المشكور، لعباد الله الأبرار، هو ذلك النعيم المقيم، والملك الكبير، أما عن النعيم: (يقُول اللهُ عز وجل: أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعتْ ولا خطرَ على قلبِ بشرٍ)، وأما عن المُلك: فأقلّهم ملكًا كما جاء في الحديث القدسي: (فيَقولُ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: ألم تَرْضَ أنْ أُعطِيَكَ مِثْلَ الدُّنيا منذُ خَلَقْتُها إلى يومِ أفنَيْتُها وعشَرةَ أضعافِهِ؟ فيَقولُ: أتَهْزَأُ بي وأنتَ رَبُّ العِزَّةِ؟! فيَضْحَكُ الرَّبُّ تعالى مِن قولِهِ) الحديث.
فإذا كان هذا هو مُلك أقل أهل الجنة، فكيف بالمُلك الذي يملكه عبد من عباد الله الأبرار؟
ثم انتقلت بنا الآيات إلى وصف ثيابهم وحُليّهم، أما الثياب فهي من، {سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ}، سندس: كلمة معربة من الهندية، والإستبرق: كلمة معربة من الفارسية، وهي وصف لأفخم وأجمل أنواع ثياب الدنيا، ووصفها بأنها خضر، زيادة في كمال حسنها، أما عن الحُليّ: فهي الأساور من الفضة التي تحيط بمعصم اليد، فتزيد الشخصية هيبة ووقارًا، وهذا الوصف للمظهر الخارجي، أما الداخلي: فقد طهره الله تعالى بالشراب الطهور، {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا}، فطهرهم من كل أذى مادي ومعنوي، أما المادي: فهو تطهير البطن من بواقي الطعام والفضلات، فلا يَتَغَوَّطُونَ ولا يَمْتَخِطُونَ ولا يَبُولونَ، ولَكِنْ جُشاءٌ كَرَشْحِ المِسْكِ الفواح،" الجُشاءٌ: هواء يخرج من الفم عند الشّبع"، وقيل: رشحًا من جلودهم، أما الطهور المعنوي: فهو أن الشراب يطهر قلوبهم من الغل والحقد والحسد وغيرها من أمراض القلوب.
أضف تعليقك...