1. 

   إعداد / د. صديق بن صالح فارسي

2. 

   اجتماعي

أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ ۚ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29)

أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا؟ سؤال تقريري بأن خلق السماء أشد من خلق الإنسان، (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)، ومهما بدت على الإنسان من علامات القوة والبأس والتمكين، (وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا)، فالصحة تزول بالمرض، والقوة تهدم بالضعف، والشباب بالهرم، والمال بالفقر، والأهل والأبناء والعشيرة بالموت هادم اللذات،، فهذا فرعون الذي تحدثت عنه الآيات السابقة، قد هلك وزال ملكه، وكم من الطغاة الذين عاثوا في الأرض الفساد، ذهبوا بدون رجعة، (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ).

أما السماء التي هي أشد خلقاً من الإنسان، فقد بناها سبحانه- ورَفَعَ سَمْكَهَا: أي: جرمها وصورتها، فَسَوَّاهَا بإحكام وإتقان يحيّر العقول، ويذهل الألباب، ورفعها بغير عمد ترونها، وهو سبحانه يمسكها والأرض من أن تزولا، أو أن تقع على الأرض، إلا بإذنه، (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا ۚ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)، وجعل ليلها ظلاما دامسا، وضُحاها نورا ساطعا، (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا)، ورغم أن خلق السماء والأرض أشد من خلق الإنسان، إلا أنهما لا تعصيان الله تعالى-بل أتتا طائعتين، (ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ).

كما أن في الآيات دلالة لأمر معلوم بالمشاهدة، وهو عظمة السماء، وعظمة المخلوق تدل على عظمة الخالق، والخلاق العظيم لا يعجزه إعادة الخلق من بعد الموت، للحساب والجزاء.

‏‫