• icon لوحة التحكم
  • icon

icon الثلاثاء 2024-02-13

ازدواجية الحياة

  • تسجيل اعجاب 3
  • المشاهدات 758
  • التعليقات 0
  • Twitter
ازدواجية الحياة
  1. icon

    بقلم / زكية رجب الناصر

  2. icon

    اجتماعي

الحياة كانت بالنسبة لها وجه واحد للعملة، تستمع إلى تلك التي قالت لها أن الحياة مجرد سطور تكتبها أناملنا، وتلك التي قالت لها في يوم ما أن الحياة مجرد دروب للوصول، وتلك وتلك... فكانت تجمع من هنا وهناك، ولم يكن هناك مبدأ لم يكن هناك أسس صحيحة تُبنى عليها الحياة، لم يكن هناك قدوات صالحات تحمل أثرهن في دروب الحياة، فقد غُيّبن بين صفحات الزمن وبين أحرف الكتب القديمة التي لم تعد تفتحها، تعصف بها تناقضات الحياة وتلك الأفكار التي ظنت يومًا ما أنها مبادئ وماهي إلا أساليب للتفكير قد تكون مشوّهة أو خاطئة، ولكنّها أصرت أن ترتدي عباءة القوّة مخفية تحتها حزنها وضعفها وفشلها وتتعامل مع وجه واحد للعملة متناسية أن ازدواجية الحياة وجهين لنفس العملة لا يستبعد بعضها البعض.

ازدواجية الحياة هذا المصطلح الدخيل الذي أخذنا لمنحى علمي بحت لفهم طبيعة الحياة، وهناك شد وجذب واختلاف واتفاق في وجود الازدواجية من عدمها، ومتاهة من التصنيفات، الوحدة المطلقة والحقيقة المطلقة والفراغ والاستنارة وطاقة الوحدة وغيرها من المسميات والتحليلات التي تتوّه النفس وترمي بها في مزالق الشرك والإلحاد.

ولكن فقط المؤمن هو من يعلم أن الله خلق كل شيءٍ بمقدار، خلق هذا الكون بتوازن عجيب وحكمة بالغة وسخّره للإنسان {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةًفهذه المسمّاة الازدواجية ما هي إلا توازن عجيب بين قوّتين متعارضتين يكمّل بعضها البعض، فقد خلق الله آدم وأدخله الجنّة ورغم أنّها ما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر، إلا أنّ آدم استوحش فخلق له حواء ليسكن إليها.

وذلك الإبداع في خلق الليل والنهار، {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} فقد جعل الله الليل سباتًا لترتاح فيه النّفوس وليس فقط بل وألبسه ذلك الظلام لتسكن فيه الخلايا الحيّة، فقد أثبتت الدراسات أنّ الخلايا الحيّة التي تتعرض لضوء مستمر تُجهد وتُتلف، ليأتي ذلك الصباح وينشر نوره على الكون كله، فلا يوجد نور بدون ظلام، ولا يسر بدون عسر، ولا نجاح بدون فشل، ولا حب بدون كره، ولا خير بدون شر، ولا حلو بدون مر، هذه وغيرها من القيم المتضادّة، جانب مظلم وجانب منوّر للحياة وخُلق الإنسان يتقلّب بينهما، وعليه أن يتعلّم كيفيّة التّعامل مع جانبي الحياة فكثرة التعايش مع أحد الجانبين يُفقد التوازن، كما أن غياب أحدهما يُفقده أيضًا.

لقد قرأَتْ وتعلّمَتْ وقرّرَتْ أن تنزع تلك العباءة وتلك الأقنعة التي تخفي خلفها ذلك الجانب المختلف من الحياة، وقرّرَتْ أن تتعايش مع تلك الصراعات والمشاعر المتناقضة، فالمعاناة والحزن والفشل والعسر ما هي إلا جانب من جوانب الحياة التي يجب أن تتقبلها وتتعايش فيها ومعها، مؤمنة أنّه بعد العسر يسر وأن ذلك الجانب المظلم سيُنار بعد فترة بإذن الله.

فلا نحارب التجارب المؤلمة ويجب أن نستمتع بالتجارب الجميلة، فعندما نستسلم لهذه التقلبات سنجد ذلك التوازن، فلا يمكن أن ننجح دون أن نتعلم من الفشل، ولا نشعر بنعمة الصحة حتى نمرض.

فيجب التعايش مع ازدواجية الحياة وتقلباتها على أنها جانب نعم من الله يُوجب الشكر، وجانب ابتلاءات يُوجب الصبر، هذا التعايش يُخرج الإنسان ويقيه من ازدواجية الشخصية ويظهره بمظهر المؤمن ظاهره كباطنه، فلم يخلقنا الله عبثًا وجعل سبحانه الجانب المنوّر من الحياة له حدود يسيرة، والجانب المظلم من الحياة جعل الله له أجور عظيمة.

وأخيرًا أقول لك الحياة كالشوكولاتة رغم ازدواجية الحلاوة والمرارة فهي رائعة، وهكذا الإنسان لا يستطيع التخلي عن ذلك السواد البسيط فعند دمجه بالألوان يتغير ويمنحنا الحياة بألوانها.

أضف تعليقك...

 
  • 1651 زيارات اليوم

  • 46443297 إجمالي المشاهدات

  • 2986565 إجمالي الزوار