• icon لوحة التحكم
  • icon

icon الاثنين 2016-02-22

جبلُ سَلع

  • تسجيل اعجاب 1
  • المشاهدات 9254
  • التعليقات 0
  • Twitter
جبلُ سَلع

جبل سلع : ــ بالفتح ثم السكون آخره عين مهملة ويصح كسر السين سِلع،
السَّلعُ لغة: واحد السُّلوع، وهي شقوقٌ وطرقٌ في الجبال، وهو أن يصعد
الإنسانُ في الشِّعْب وهو بين الجبلين، حتى يبلغ أعلى الوادي، ثم يمضي
فيشتدُّ في الجبل حتى يطلع، فيشرف على وادٍ آخر يفصل بينهما هذا المسند
الذي سند فيه، ثم ينحدر حينئذٍ في الوادي الآخر، حتى يخرج من الجبل،
منحدراً في فضاء الأرض، فذاك الرأس الذي أشرف من الواديين السّلع ولا
يعلوه إلا راجل.

وسلع جبل معروف بالمدينة شامخ في شمال المدينة ويبعد عنها بنحو خمس دقائق
خارج باب الشامي وحجارة هذا الجبل سود بوجه الإجمال تتفتت من ضغطها
باليد ويسمى جبل ثواب أيضاً وإن نسي هذا الاسم لكنه ذكر في حديث عند
الطبراني بهذا الاسم .
كما أنه يبعد عن المسجد النبوي الشريف نحو نصف كيلو متر تقريبا وهو أقرب
الجبال إلى المسجد النبوي الشريف ، منفرد في قاعة يشرف على كامل المدينة
من النواحي الأربع ، وله عدة شعاب ولها تجاويف ، أكبرها في الناحية
الشرقية مما يلي الزكي أي موقع قبر محمد النفس الزكية سابقا قبل نقله
للبقيع وفي شرقيه (دكة جلال) بناها شخص يدعى بهذا الاسم ،وكذلك منازل
بني ساعدة في شرقي جبل سلع وفي سهله الشرقي كانت منازل أشجع بن ريث حتى
أطلق عليه شعب أشجع وفي وسط هذا السهل كان يوجد مسجد يسمى مسجد السبق
وليس من المساجد المأثورة بناه أحد قضاة المدينة لصلاة أهل الحي، ولوقوعه
في منتصف ميدان سباق الخيل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم اكتسب اسم
مسجد السبق، وكانت الخيل المضمرة تسابق من الحفياء إلى المصلى: والحفياء
السهل الواقع بغربي جبل أحد، وأما الخيل غير المضمرة فكانت تسابق من ثنية
الوداع الشمالية حتى المصلى(مسجد الغمامة).
وفى جانبه الجنوبي وكامل الجانب الغربي تقع مساجد الفتح كما أن في علو
سفحه الجنوبي كتابة. كوفية أثرية قديمة نصها على ما رواه صاحب (مرآة
الحرمين): (أمسى وأصبح عمر وأبو بكر يشكوان إلى الله من كل ما يكره)
(يقبل الله عمر. الله يعامل عمر بالمغفرة) وقد أفادنا إبراهيم رفعت في
كتابه المذكور بأن هذه الكتابة أثرية حقاً، وبأنها بخط الصحابيين
الجليلين رضي الله عنهما بإثبات علمي أورده في كتاب ، كما كان في جانبه
الجنوبي بعض العرب من كلب و قضاعة وجهينة ، ولا تزال ناحيته هناك تعرف
بذنيب كلب محرفة من بني كلب .

كما أن في جانبه الغربي يجري سيل أبى جيدة بطحان وما اجتمع عليه ، وفى
جانبه الغربي منازل بني سلمة ، . وقد بنت الدولة العثمانية عليه قلعة
عسكرية ، تهدف بها حماية المدينة . وفى جانبه الشمالي منزلة كانت ليهود
حسيكة

كما أن له عدة تلاع، كلها أحياء عامرة اليوم، ومنها تلعة بني حرام
(العماري) و يوجد فيها مسجد بني حرام الذي لا يزال معروفاً وجدد وتقام
الآن فيه الصلوات الخمس بإمام من وزارة الحج والأوقاف، وهذا المسجد واقع
في محل دار جابر بن عبدالله بن حرام رضي الله عنهما التي وقعت فيها معجزة
تكثير الطعام في غزوة الخندق. وهي شعب بني حرام الذي فيه غار السجدة (كهف
بني حرام) وذكره ابن شبة بكهف سلع وهو الذي كان يبات فيه المصطفى الحبيب
صلى الله عليه وسلم أيام غزوة الخندق قبل نزول آية العصمة عليه وهي قوله
تعالى: (والله يعصمك من الناس)،وكان في مكان هذا الكهف معلم عليه قبة
صغيرة جداً وإلى هذا الشعب انتقل بنو سلِمة في عهد عمر رضي الله عنه وقد
كانوا طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن ينتقلوا من منازلهم في
القبلتين من أجل بعدهم عن المسجد النبوي الشريف ولأن السيل ربما يحول
بينهم وبين صلاة الجمعة فقال لهم: يا بني سلِمة ديارَكم تُكتبْ آثاركم)
ولعل عمر رضي الله عنه أذن لهم في الانتقال من حرتهم إلى بلاد بني حرام
لأن بيوتهم كانت مكشوفة للعدو ومعرضة لغاراته في عهد الرسول صلى الله
عليه وسلم، أما في عهد عمر رضي الله عنه فلا خوف من الغارات وأصبح الدين
في الجزيرة العربية كله لله،

وفيه تلعة الحشيش ( العشب الذي تأكله البهائم) ، وتلعة السبعة المساجد وغيرها

وقد أشارت بعض نصوص التوراة إلى مكان هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم،
ففي سفر أشعيا الإصحاح (42) فقرة: (11) " لترفع البريّة ومدنها صوتها،
الديار التي سكنها قيدار، لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا،
ليعطوا الربَّ مجداً.. ".

و قيدار أحد أبناء إسماعيل كما جاء في سفر التكوين إصحاح (25) عدد (13)
.و سالع جبل سلع في المدينة المنورة.

والترنم والهتاف ذلك الأذان الذي كان ولا يزال يشقُّ أجواز الفضاء كلّ
يوم خمس مرات، وذلك التكبير والتحميد في الأعياد وفي أطراف النهار وآناء
الليل كانت تهتف به الأفواه الطاهرة من أهل المدينة الطيبة الرابضة بجانب
سلع.



أحداث مرتبطة بجبل سلع :ــ أهم هذه الأحداث غزوة الخندق و كانت سنة خمس
من الهجرة في شوال على أصح القولين، وأقام المشركون محاصرين رسول الله
صلى الله عليه وسلم والمسلمين شهراً أو نحو شهر‏.‏ ويبدو أن بداية فرض
الحصار كانت في شوال ونهايته في ذي القعدة، وعند ابن سعد أن انصراف رسول
الله صلى الله عليه وسلم من الخندق كان يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي
القعدة، وأمر بالذراري والنساء فجعلوا في الآطام.

ومنها :ــ خرجَ معاذُ بنُ جبلٍ يطلبُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ
وسلَّمَ فلم يجدْهُ فطلبَهُ في بيوتِهِ فلم يجدْهُ فاتَّبعَهُ في سكَّةٍ
سِكَّةٍ حتَّى دُلَّ عليهِ في جبلِ ثوابٍ (سلع) فخرجَ حتَّى رقيَ جبلَ
ثوابٍ فنظرَ يمينًا وشمالًا فبصرَ بهِ في الكهفِ الَّذي اتَّخذَ النَّاسُ
إليهِ طريقًا إلى مسجدِ الفتحِ قالَ معاذٌ فإذا هوَ ساجدٌ [ فهبطتُ من
رأسِ الجبلِ وهو ساجدٌ] فلم يرفعْ رأسَهُ حتَّى أسأتُ بهِ الظَّنَّ
فظننتُ أن قد قُبِضَت روحُهُ [ فلمَّا رفع رأسَهُ قلتُ يا رسولَ اللهِ
لقد أسأتُ بكَ الظَّنَّ فظننتُ أن قد قُبِضتَ] فقالَ جاءَ جبريلُ عليهِ
السَّلامُ بهذا الموضعِ فقالَ إنَّ اللَّهَ تباركَ وتعالى يقرئكَ
السَّلامَ ويقولُ لكَ ما تحبُّ أن أصنعَ بأمَّتِكَ قلتُ اللَّهُ أعلمُ
فذهبَ ثمَّ جاءَ إليَّ فقالَ إنَّهُ يقولُ لكَ لا أسوؤكَ في أمَّتِكَ
فسجدتُ فأفضلُ ما تُقرِّبَ بهِ إلى اللَّهِ عزَّ وجلَّ السُّجودُ

ومنها:ــ كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه:ــ أن رجلا دخل يوم
الجمعة من باب كان وِجاه المنبر ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم
يخطب ، فاستقبل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قائما ، فقال : يا رسول
الله ، هلكت المواشي ، وانقطعت السبل ، فادع الله يغيثنا . قال : فرفع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال : اللهم اسقنا ، اللهم اسقنا ،
اللهم اسقنا . قال أنس : لا والله ، ما نرى في السماء من سحاب ، ولا قزعة
، ولا شيئا ، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار . قال : فطلعت من ورائه
سحابة مثل الترس ، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت . قال : والله ما
رأينا الشمس سبتا . ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ، ورسول
الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب ، فاستقبله قائما ، فقال : يا رسول
الله ، هلكت الأموال ، وانقطعت السبل ، فادع الله يمسكها . قال : فرفع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ، ثم قال : اللهم حوالينا ولا علينا ،
اللهم على الآكام والجبال، والآجام والظراب، والأودية ومنابت الشجر. قال
: فانقطعت ، وخرجنا نمشي في الشمس . قال شريك : فسألت أنسا : أهو الرجل
الأول ؟ قال : لا أدري .

ومن على جبل سلع بشر كعب بن مالك رضي الله عنه بتوبته وكان أحد الثلاثة
الذين خلفوا ففي حديث البخاري يقول كعب رضي الله عنه: ( فَلمَّا
صَليْتُ صَلاةَ الفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ ليْلةً ، وَأَنَا على ظَهْرِ
بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا ، فَبَيْنَا أَنَا جَالسٌ على الحَال التِي
ذَكَرَ اللهُ ، قَدْ ضَاقَتْ علي نَفْسِي وَضَاقَتْ علي الأَرْضُ بِمَا
رَحُبَتْ ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفى على جَبَلِ سَلعٍ بِأَعلى
صَوْتِهِ يَا كَعْبُ بْنَ مَالكٍ أَبْشِرْ ، قَال فَخَرَرْتُ سَاجِدًا ،
وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ ، وَآذَنَ رسول الله صَلي الله
عَليْهِ وَسَلمَ بِتَوْبَةِ اللهِ عَليْنَا حِينَ صَلى صَلاةَ الفَجْرِ ،
فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا ، وَذَهَبَ قِبَل صَاحِبَيَّ
مُبَشِّرُونَ .. وَانْطَلقْتُ إِلى رسول الله صَلي الله عَليْهِ وَسَلمَ
، فَيَتَلقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنُّونِي بِالتَّوْبَةِ ،
يَقُولُونَ لتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللهِ عَليْكَ .

و من الأحداث المرتبطة بجبل سلع أنه كان يكون للعباس بن عبدالمطلب رضي
الله عنه عم النبي صلى الله عليه وسلم الحاجة إلى غلمانه وهم بالغابة ،
فيقف على سلع ، وذلك في آخر الليل فيناديهم ، فيُسْمِعُهم ، والغابة نحو
من تسعة أميال.

وفي غزوة ذي قَرَد لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من غزوة
بني لحيان لم يُقم بالمدينة إلا ليال قلائل حتى أغار عيينة بن حصن في خيل
من غطفان على لقاح رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بالغابة وفيها رجل من
بني غفار وامرأة له فقتلوا الرجل واحتملوا المرأة في اللقاح

وكان أول من نذر بهم سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي رضي الله عنه غدا
يريد الغابة متوشحا سيفه ونبله ومعه غلام لطلحة بن عبيد الله معه فرس
يقوده حتى إذا علا ثنية الوداع نظر إلى بعض خيولهم فأشرف في ناحية سلع ثم
صرخ وا صباحاه.

وقد تغني الشعراء بجبل سلع

فمن ذلك قول أحدهم:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بسلع ولم تغلق عليَّ دروب

وقال آخر:

وَلَحَيٌّ بَيْنَ العُرَيضِ وسلع حيث أرسى أوتاده الإسلام

كان أشهى إليَّ قربَ جوار من نصارى في دورها الأصنام

قال آخر:

ألا قالت أمامة بعد دهر وحلو العيش يذكر في السنين

سكنت مخايلاً وتركت سلعاً شقاء في المعيشة بعد لين

فَقُلْتُ لَهَا : ذَبَبْتُ الدَّيْنَ عَنِّي بِبَعْضِ الْعَيْشِ وَيْحَكِ
فَاعْذُرِينِي

وغرب الأرض أرض به معاشاً يكف الوجه عن باب الضنين

ولقيس بن ذريح

لعمرُكَ إنني لأحِبُّ سَلْعاً لرؤيته، ومَن أكناف سَلعِ

تَقَرُّ بقربه عيني وإني لأخشى أن يكونَ يريدُ بَخْعِي

حلفتُ بربِّ مكَّةَ والمُصَلّى وأيدي السَّابحات غداةَ جَمْعِ

لأنتِ على التَّنائي فاعلَمِيهِ أحَبُّ إليَّ من بَصَري وسمعي

إعداد الباحث التاريخي في معالم المدينة الأستاذ : عبدالغفور بن عبدالله
بن محمدشفيع شفيع

أضف تعليقك...

  • 2924 زيارات اليوم

  • 46444550 إجمالي المشاهدات

  • 2986585 إجمالي الزوار