• icon لوحة التحكم
  • icon

icon الخميس 2016-03-17

السيرة النبوية المكانية

  • تسجيل اعجاب 178
  • المشاهدات 8112
  • التعليقات 0
  • Twitter
السيرة النبوية المكانية

أهمية معرفة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم المكانية وآثاره الحسية والحرص على تعلمها والمحافظة عليها

لا يخفى على كل ذي لب أهمية معرفة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث لاخلاف بين أهل العلم أن السنة المطهرة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم ، والسيرة النبوية الشريفة تدخل دخولا أوليا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والسُّنَّة هي كل قول أو فعل أو تقرير صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والتقرير هو فعل الصحابي لأمر وافقه عليه النبي صلى الله عليه وسلم بأن استحسنه أو سكت عنه. ولن تستطيع فهم المصدر الثاني من التشريع إلا بعد دراسة مستفيضة للسيرة النبوية.

بل الأمر أبعد من ذلك فبدون السيرة النبوية لاتستطيع أن تفهم المصدر الأول نفسه وهو القرآن الكريم، فكثير من آيات القرآن نزلت بعد أحداث ووقائع للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا يفهم معناها إلا إذا فهمت وعرفت الأحداث التي صاحبت نزولها من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الواحدي : لا يمكن تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها. انظر أسباب النزول للواحدي ص12 وحديثي في هذا المقال سوف يكون منصبا عن فوائد معرفة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم المكانية، وآثاره النبوية الحسية المشاهدة، وسبب الكتابة في هذا الموضوع لما سمعت وشاهدت من بعض الناس أنهم يقللون من شأن هذا الموضوع، وينفون أن تكون هناك أي فائدة من هذا، ويتساءلون ما الفائدة من معرفة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم المكانية؟

وما الفائدة من معرفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر من هنا؟ أو وقف هنا؟ أو سار من هذا الطريق؟ أو حصلت له قصة في هذا المكان ؟ وما الفائدة من معرفة آثاره؟ كحجراته وأحجامها؟ ومصلياته وأماكنها؟ وآباره ومواضعها؟ وغزواته ومواقعها؟ وما صاحبها من أحداث مكانية كبداية الخندق ونهايته في غزوة الأحزاب، وكمعرفة جبل الرماة في غزوة أحد، وكمعرفة العدوة الدنيا من القصوى في غزوة بدر، إلى آخره ..... .

فأقول مستعينا بالله

إن مشاهدة الأثر بالعين والوقوف عليه هو أسلوب قرآني دعا إليه ربنا في كتابه الكريم، لما يحدث في النفس من العظة والعبرة والتذكر، ما لا يحدثه لو قرأته في كتاب ما، قال ربنا جل وعلا : (قُل سيروا فِي الأَرضِ ثُمَّ انظُروا كَيفَ كانَ عاقِبَةُ المُكَذِّبينَ([الأنعام: ١١]

فهذا أمر رباني من الله تعالى أن نسير في الأرض لنرى آثار الأمم الماضية وما حل بهم من عذاب الله ونكاله، وخزيه ووباله؛ لنعتبر بما شاهدنا من آثارهم، وكيف كانت عاقبة تكذيبهم.

إن من الفراسة مشاهدة الآثار للعظة والاعتبار .

قال تعالى :﴿إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِلمُتَوَسِّمينَ﴾٧٥﴿وَإِنَّها لَبِسَبيلٍ مُقيمٍ﴾٧٦﴿إِنَّ في ذلِكَ لَآيَةً لِلمُؤمِنينَ﴾٧٧﴿وَإِن كانَ أَصحابُ الأَيكَةِ لَظالِمينَ﴾٧٨﴿فَانتَقَمنا مِنهُم وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبينٍ﴾٧٩ الحجر .

قال مجاهد للمتوسمين أي : المتفرسين

أي أن آثار عذابهم ظاهرة واضحة لمن تأمل ذلك وتوسمه بعين بصره وبصيرته، وهي في طريق ثابت يراها من يمر بها من المسافرين، وفي هذا عبرة وآية للمؤمنين يعتبرون بها .

قال الإمام السعدي رحمه الله : " وَإِنَّهُمَا " أي: ديار قوم لوط, وأصحاب الأيكة " لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ " أي: لبطريق واضح, يمر بهم المسافرون كل وقت, فيبين من آثارهم ما هو مشاهد بالأبصار, فيعتبر بذلك أولوا الألباب.

إن مشاهدة الأثر بتفكر وتأمل تجعل الإنسان أكثر عقلا ورشدا.

قال تعالى : وإنكم لتمرون عليهم مصبحين(137)وباليل أفلا تعقلون(138) الصافات.

أي : أين عقولكم لتتفكروا بها وتتأملوا بعد أن شاهدتم منازلهم وآثارهم أن لا يصيبكم ما أصابهم .

فتراه جل وعلا ضرب المثل في هذه الآيات بآثار الأمم السابقة ليتعظ بها المؤمن والكافر، ومن أعظم سبل الاتعاظ بهم هو مشاهدة آثارهم التي ما زالت باقية موجودة، والنظر في عاقبة مآلهم.

ولو لم تكن هذه الآثار موجودة لما ذكرها الله في كتابه الكريم.

والأثر يدل على صاحب الأثر، فبعض الخلق لا يؤمن ولا يقتنع إلا بدليل عقلي وشيء حسي مشاهد، تأتي بآية من القرآن أو حديث من سنة رسول الله e لا يقتنع بهما، تأتي له بدليل عقلي يسلم ويقتنع .

ولذا لما قيل لأعرابي من البادية: بم عرفت ربك؟ فقال: الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا تدل على السميع البصير؟

فهذا الأعرابي عرف الله تعالى لما شاهد آثار خلقه ومصنوعاته من سماواته وأرضه وجباله وبحاره، فعلم أنه لابد لها من موجد وصانع وهو الله تعالى .

كذلك آثاره صلى الله عليه وسلم تدل عليه كمسجده الشريف وحجراته ومصلياته ومواضع غزواته.

لذا فإن النظر في آثار الرسول صلى الله عليه وسلم ومشاهدتها تزيد المؤمن يقينا، وغيره عليه حجة ودليلا.

بل إن الله تعالى أبقى لنا أثر قدمي إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام عند كعبته المشرفة، آية وعبرة، فيبعثنا ذلك على الاتعاظ ولنتخذه مصلى. قال تعالى : ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذي بِبَكَّةَ مُبارَكًا وَهُدًى لِلعالَمينَ۝فيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبراهيمَ﴾[آل عمران: ٩٦-٩٧]

فترى أن الله تعالى نوه بذكره من جملة آياته البينات، قال ابن جرير رحمه الله في تفسير هذه الآية: "إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركًا وهدى للعالمين"، للذى ببكة فيه علامات بينات من قدر الله وآثار خليله إبراهيم، منهن أثر قدم خليله إبراهيم - عليه السلام - في الحَجَر الذي قام عليه.

وقال تعالى : (وَاتَّخِذوا مِن مَقامِ إِبراهيمَ مُصَلًّى( [البقرة: ١٢٥]

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره هذه الآية : المراد بالمقام إنما هو الحَجَرُ الذي كان إبراهيم - عليه السلام - يقوم عليه لبناء الكعبة.... وكانت آثار قدميه ظاهرة فيه، ولم يزل هذا معروفًا تعرفه العرب في جاهليتها؛ ولهذا قال أبو طالب في قصيدته المعروفة اللامية: "ومَوطئُ إبراهيم في الصخر رطبة على قدميــه حافيًا غــــير ناعل".

إن مشاهدة الأثر فيها تصديق وتثبيت،

لما بعث الله طالوت ملكا لبني إسرائيل لم يقروا بملكه عليهم ولم يصدقوا نبيهم الذي أخبرهم بهذا، حتى شاهدوا شيئا من آثار موسى وهارون عليهما السلام، فكان في ذلك تصديقا لنبي، وتثبيتا للأتباع.

قال تعالى : ﴿وَقالَ لَهُم نَبِيُّهُم إِنَّ آيَةَ مُلكِهِ أَن يَأتِيَكُمُ التّابوتُ فيهِ سَكينَةٌ مِن رَبِّكُم وَبَقِيَّةٌ مِمّا تَرَكَ آلُ موسى وَآلُ هارونَ تَحمِلُهُ المَلائِكَةُ إِنَّ في ذلِكَ لَآيَةً لَكُم إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾

[البقرة: ٢٤٨]

قال ابن جرير : وهذا الخبر من الله تعالى ذكره عن نبيه الذي أخبر عنه به، دليل على أن الملأ من بني إسرائيل الذين قيل لهم هذا القول، لم يقروا ببعثة الله طالوت عليهم ملكا إذ أخبرهم نبيهم بذلك، وعرفهم فضيلته التي فضله الله بها، ولكنهم سألوه الدلالة على صدق ما قال لهم من ذلك وأخبرهم به .

فلما شاهدوا شيئا من آثار موسى وهارون عليهما السلام، صدقوا نبيهم، وأقروا بملك طالوت عليهم، وكان فيها تثبيتا لهم .

كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على معرفة سيرة الأنبياء المكانية، ويسأل عن الموضع ليحدد المكان بدقة، بل ويشير إليها منبها أصحابه لها.

ولذلك لما حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وسار حتى بلغ فج الروحاء قَالَ : (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا) . صحيح مسلم (1252) عن أبي هريرة .

ولما بلغ وادي عسفان قال : " يا أبا بكر ، أي واد هذا ؟ " . قال : وادي عسفان . قال : " لقد مر به هود وصالح على بكرات حمر خطمها الليف ، أزرهم العباء ، وأرديتهم النمار( يلبون ) يحجون البيت العتيق " .

رواه أحمد ، وفيه زمعة بن صالح ، وفيه كلام وقد وثق .

وفي رواية : ( لقد مر بهذا الوادي نوح وهود وإبراهيم )

ولما بلغ وَادِي الأَزْرَقِ قَالَ : " أَيُّ وَادٍ هَذَا ؟ " قَالُوا : وَادِي الأَزْرَقِ قَالَ : " هَذَا وَادِي الأَزْرَقِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ هَابِطًا مِنَ الثَّنِيَّةِ وَلَهُ جُؤَارٌ إِلَى اللَّهِ مِنَ التَّلْبِيَةِ .

ولما بلغ ثنية هرشى قالَ : " أَيُّ ثَنِيَّةٍ هَذِهِ ؟ " قَالُوا : ثَنِيَّةُ هَرْشَى قَالَ : " كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ جَعْدَةٍ وَهُوَ يُلَبِّي ، خِطَامِ نَاقَتِهِ خُلْبَةٍ وَهُوَ يُلَبِّي " . يَعْنِي اللِّيفَ . صحيح مسلم (166) عن ابن عباس .

أفتراه صلى الله عليه وسلم يسأل عن هذه الأماكن اعتباطا بلا فائدة؟، كلا وربي.

إن المرور بمواطن الأنبياء والصالحين فضل وتوفيق من الله، فتستشعر أن هذا المكان مر به أفضل الخلق فتحمد الله وتشكره أن جعلك أنت العبد الفقير تمر به، وهذا يدعوك ويحثك أن تسير في سيرك إلى الله كما ساروا، وأن تكون على نهجهم وطريقهم، وكما خطت قدماك حيث خطوا، أن تجعل خطاك على خطاهم، وتسأل الله تعالى أن يحشرك معهم .

إن معرفة آثار الرسول صلى الله عليه وسلم وتعلمها، والوقوف على مواطن غزواته ومشاهده، وتحديد مواقعها، أسلوب تربوي عظيم سار عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم ،وورثوها أبناءهم، جيلا بعد جيل ورعيلا بعد رعيل، فهي تاريخنا وعزنا ومجدنا وفخرنا، كيف لا وهي جزء من سيرة نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، فهذه رسالة لمن أغفل أهمية سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم المكانية؛ بحجة سد الذريعة، أو ما يفعل عندها من بدع أو غير ذلك من الأمور التي تضاد العقيدة الصحيحة، وأصبح الناس في ذلك طرفي نقيض منهم من غلا فيها حتى أحدث عندها البدع، ومنهم من جفا بها حتى أصبح يدعو إلى طمسها وعدم المحافظة عليها، وخير الأمور التوسط في ذلك فنحافظ على مابقي من آثاره صلى الله عليه وسلم المكانية ولا نغلو فيها بإحداث البدع عندها وإذا حصل خطأ من الناس في هذا فيوضح لهم الصواب في ذلك لا أن نهدم مسجدا أو نزيل أثرا له صلى الله عليه وسلم بهذه الحجة .

ولو أردنا أن نأخذ بهذه الحجة لما بقي أثر إلا أزلناه حتى المسجد النبوي نفسه .

فنجد كل الأمم والشعوب يحافظون على آثار عظمائهم وملوكهم وقادتهم، ويبرزونها بأحلى حلة ويعتبرونها جزء من تاريخهم يفتخرون به، أليس النبي صلى الله عليه وسلم أولى بهذا بأن نحافظ على آثاره ونحميها ونظهرها للأجيال ليعرفوا ويشاهدوا سيرة نبيهم وحبيبهم صلى الله عليه وسلم و يعلموا ما كان فيه صلى الله عليه وسلم من شظف العيش وقلة ذات اليد والفقر وتواضعه لربه جل وعلا فيكون ذلك أدعى إلى الإقتداء به وتمثل سيرته صلى الله عليه وسلم، ومن رأى ليس كمن سمع؛ ولذلك لما قدم كتاب الوليد بن عبدالملك إلى عمر بن عبدالعزيز بالمدينة في سَنَةُ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ، يَأْمُرُهُ بِهَدْمِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ , وَإِضَافَةِ حُجَرِ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ، فَجَمَعَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وُجُوهَ النَّاسِ , وَالْفُقَهَاءَ الْعَشَرَةَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ , وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ كِتَابَ الْوَلِيدِ

فَشَقَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَقَالُوا : هَذِهِ ( بيوت أزوج النبي ) حُجَرٌ قَصِيرَةُ السُّقُوفِ , وَسُقُوفُهَا مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ , وَحِيطَانُهَا مِنَ اللَّبِنِ , وَعَلَى أَبْوَابِهَا الْمُسُوحُ , وَتَرْكُهَا عَلَى حَالِهَا أَوْلَى , لِيَنْظُرَ إِلَيْهَا الْحُجَّاجُ وَالزُّوَّارُ وَالْمُسَافِرُونَ , فَيَنْتَفِعُوا بِذَلِكَ وَيَعْتَبِرُوا بِهِ , وَيَكُونَ ذَلِكَ أَدْعَى لَهُمْ إِلَى الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا , فَلَا يُعَمِّرُونَ فِيهَا إِلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ , وَهُوَ مَا يَسْتُرُ وَيُكِنُّ , وَيَعْرِفُونَ أَنَّ هَذَا الْبُنْيَانَ الْعَالِيَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَفْعَالِ الْفَرَاعِنَةِ وَالْأَكَاسِرَةِ,وَكُلِّ طَوِيلِ الْأَمَلِ رَاغِبٍ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْخُلُودِ فِيهَا .

فَعِنْدَ ذَلِكَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى الْوَلِيدِ بِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ الْعَشَرَةُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُمْ

فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْوَلِيدُ يَأْمُرُهُ بِالْخَرَابِ وَبِنَاءِ الْمَسْجِدِ عَلَى مَا ذَكَرَ , وَأَنْ يُعَلِّيَ سُقُوفَهُ

فَلَمْ يَجِدْ عُمَرُ بُدًّا مِنْ هَدْمِهَا , وَلَمَّا شَرَعُوا فِي الْهَدْمِ , صَاحَ الْأَشْرَافُ وَوُجُوهُ النَّاسِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِمْ , وَتَبَاكَوْا مِثْلَ يَوْمِ مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . انظر : البداية والنهاية (414/12)

وقال عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ يصف لنا المشهد عندما أمر الوليد بإدخال الحجرات في المسجد، فَمَا رَأَيْتُ أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ،

وقال سمعت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ ، يوم هدمت الحجرات يقول : وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّهُمْ تَرَكُوهَا عَلَى حَالِهَا يَنْشَأُ نَاشِئٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَيَقْدَمُ الْقَادِمُ مِنَ الأُفُقِ فَيَرَى مَا اكْتَفَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مِمَّا يُزَهِّدُ النَّاسَ فِي التَّكَاثُرِ وَالتَّفَاخُرِ .

إن أخذ المعلومة من الميدان ومشاهدتها بالعين يترك أثرا كبيرا في نفس المتعلم، وقد أكد ذلك علماء التربية حيث يثبتون أن التقاط المعلومة من الميدان يثبتها، وذلك نتيجة دراسات تربوية متكررة .

إن مشاهدة الأثر النبوي يطوي لك أربعة عشر قرنا من الزمان ويجعلك تعيش في جو إيماني عميق وكأنك تعايش لحظات الحدث، بما يجعلك تحب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر ويدعوك لتعلم سيرته العطرة وأيامه الجليلة النظرة .

كان الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، يعلم أبنائه مواقع غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثاره ويوقفهم عليها.

فعن عبدالله بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما أنه قال : كان أبي سعد بن أبي وقاص يأخذ بأيدينا أنا وإخوتي، يوقفنا على مشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي مواقع الغزوات)وآثار رسول الله، ويروي لنا ما شهد من الماضي، ويقول لنا : تعلموا تاريخكم، وتعلموا سيرة نبيكم، فإنها مجدكم ومجد آبائكم . انظر شرح المواهب اللدنية (473/1)

وسار أبناء سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم من بعده على ذلك فكانوا أيضا يعلمونها أبنائهم .

فعن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص قال : كان أبي يعلمنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه ويعدها علينا ويقول : يابني هذه مآثر آبائكم فلا تضيعوا ذكرها. يربي أولاده عليها. انظر : الجامع لأخلاق الراوي للخطيب البغدادي ص195/2

بل كانوا من شدة حرصهم في هذا يعلمونهم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يعلمونهم السورة من القرآن حتى وصلت إلينا بيضاء نقية لا تشوبها شائبة، فعن علي بن الحسين رضي الله عنهما قال : كنا نعلم مغازي نبي الله صلى الله عليه وسلم كما نعلم السورة من القرآن.

وكان عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ينـزل المسجد الأعلى _ الذي في وادي الفرع _ فيقيل فيه، فيأتيه بعض نساء أسلم بالفراش، فيقول: لا، حتى أضع جنبي حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم جنبه، وأن سالم بن عبدالله رضي الله عنه كان يفعل ذلك، وفعل ابن عمر رضي الله عنه وابنه يدلّ على مدى حبّهما للسيرة المكانية للرسول صلى الله عليه وسلم .

فهما رضي الله عنهما يفعلان ذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى هذا المكان وقال فيه ( أي القيلولة). ذكر السمهودي رحمه الله في كتابه (وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى) ص 1026 من المجلد الثاني قال وهو يتحدث عن مساجد الفرع: روى ابن زبالة عن أبي بكر بن الحجاج وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل الأكمة من الفرع فقال في مسجدها الأعلى ونام فيه ثم راح فصلى الظهر في المسجد الأسفل من الأكمة ثم استقبل الفرع فبرك فيها (أي دعا له بالبركة).

فلا غرو أن يتحدث المؤرخون عن هذا المكان ويتتبعوه لأنه تشرف بمرور رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، وفي هذا المكان حدثت غزوة بحران في جمادى الأولى من السنة الثالثة للهجرة .

ومنذ القرون المفضلة كان الاعتناء بآثار النبي صلى الله عليه وسلم المكانية فقد كتب خليفة المسلمين آنذاك الوليد بن عبدالملك إلى عامله بالمدينة عمر بن عبدالعزيز يأمره بعمارة ما ثبت عنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فيه من المساجد حكاه ابن زبالة، وذكره ابن النجار في كتابه الدرة الثمينة في معالم المدينة.

فكان هذا العمل على مسمع ومحضر كبار التابعين والسلف ولم ينكر هذا أحد.

وقد قال العالم الجليل المعاصر الشيخ محمد الحسن ولد الددو حفظه الله أن المساجد التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة أفضل من غيرها من المساجد . https://youtu.be/2VMTU31EqbQ

وهذا الرابط لمن أراد أن يستمع له .

وهكذا مازال العلماء والمؤرخون يعتنون بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم المكانية وبيان آثاره وتحديدها بدقة فحفظوها لنا حتى عرفنا كثيرا من آثاره صلى الله عليه وسلم من خلال كتبهم، وما تلقيناه من مشايخنا وأساتذتنا من خلال الوقوف الميداني على الآثار النبوية والمعالم التاريخية.

ويعد ابن زبالة _توفي بعد سنة 199هـ _ أول من صنف كتاباً شاملاً في أخبار المدينة ووصف معالمها، ولكن كتابه فُقِد .

وممن كتب في هذا وأجاد، الواقدي رحمه الله المتوفى سنة 207هـ وهو أحد أوعية العلم يذهب بنفسه إلى مواقع غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم و يشاهدها .

قال الخطيب البغدادي: "كان الواقدي كلما ذكرت له وقعة ذهب إلى مكانها فعاينه".

وروى ابن عساكر، والخطيب البغدادي، وابن سيد الناس عن الواقدي أنه قال: ما أدركت رجلا من أبناء الصحابة وأبناء الشهداء، ولا مولى لهم إلا سألته: هل سمعت أحدا من أهلك يخبرك عن مشهده وأين قتل؟ فإذا أعلمني مضيت إلى الموضع فأعاينه، ولقد مضيت إلى المريسيع فنظرت إليها، وما علمت غزاة إلا مضيت إلى الموضع حتى أعاينه.

( والمريسيع ماء لبني خزاعة يقع في وادي قديد الذي يبعد عن مكة 120 كلم، وعن المدينة 300 كلم تقريبا ) فتراه يسير هذه المسافات الطويلة ليحفظ لنا سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم المكانية ويصفها لنا ولولا علمه بالفوائد العظيمة لمعرفة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم المكانية لما كلف نفسه هذا العناء.

وقد ألف بأسلوبه الجميل هذا كتابه الشهير ( مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم ) . ومن نظر في كتابه هذا عرف عظيم جهده الذي بذله في معرفة التفاصيل الجغرافية للأمكنة ومعرفته بدقائق الأخبار .

وقد أكرمني الله تعالى بأن ألفت كتابا في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا من هذا النسق وقفت فيه على كثير من غزواته ومشاهده صلى الله عليه وسلم وصورتها وأثبتها في مكانها المناسب من الكتاب فالفضل والمنة لله على ذلك .

والواقدي وإن كان أغلب العلماء يضعفونه في الحديث، إلا أنه وصف بأنه ثبت بالمغازي والسيرة رحمه الله. وإليه كان يرجع في معرفة مواقع غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشاهده.

روى ابن سعد في طبقاته من أن هارون الرشيد، ويحيى بن خالد البرمكي- حين زارا المدينة في حجّهما- طلبا من يدلهما على قبور الشهداء والمشاهد، فدلوهما على الواقدي الذي صحبهما في زيارتهما، ولم يدع موضعا من المواضع ولا مشهدا من المشاهد إلا مرّ بهما عليه .

انظر القصة بتمامها في ابن سعد (الطبقات، ج 5، ص 315).

وعن هارون الفرْوي، قال: رأيت الواقدي بمكة ومعه ركوة، فقلت: أين تريد؟ قال: أريد أن أمضى إلى حنين، حتى أرى الموضع والوقعة. وقد تبعه في اهتمامه بهذه التفاصيل الجغرافية والوقوف على أماكن غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم كاتبه وتلميذه محمد بن سعد، بل نراه يزيد على تلك التفاصيل التي عند أستاذه الواقدي، لذا قال الذهبي رحمه الله ترجمة ابن سعد في سير أعلام النبلاء : وكان من أوعية العلم؛ ومن نظر في الطبقات خضع لعلمه.

ومنهم المحدث الفقيه الثقة المؤرخ الأديب أبو زيد عمر بن شبة النميري البصري المولود سنة 173هـ والمتوفى سنة 262هـ. و قد أجمع كل من ترجم له على أنه صادق اللهجة، غير مدخول الرواية، عالم بالآثار، راوية للأخبار، عالم بالقراءات، صاحب تصانيف، بصير بالسير والمغازي وأيام الناس، له كتاب : أخبار المدينة النبوية.

ومنهم الجغرافي الفاضل البارع الأديب ابن جبير الأندلسي رحمه الله المتوفى سنة 614 وله كتاب :

باسم : (تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار)، ثم أُطلق عليه في العصر الحديث (رحلة ابن جبير).

ويعد كتابه من أهم المصادر الرئيسية للباحثين في كل من التاريخ والجغرافيا والأدب.

طاف العالم ودخل كثيرا من البلدان ووصفها، دخل مكة يوم 13 ربيع الآخر سنة 579، ووصف كل معالمها وشعائرها وجبالها، وكتب تفاصيل مشاهداته، ثم قصد المدينة المنورة ودخلها يوم 30 محرم سنة 580 وأقام فيها أياما ووصف معالم المدينة وحرمها.

وممن ألف في تاريخ المدينة ومعالمها، محدث العراق ومؤرخ عصره محب الدين أبو عبدالله محمد بن محمود بن حسن البغدادي المعروف بابن النجار المتوفى سنة 643 وله كتاب : الدرة الثمينة في معالم المدينة.

ومنهم الفقيه المحدث الشيخ جمال الدين محمد بن أحمد المطري رحمه الله المتوفى سنة 741 وله كتاب : التعريف بما أنست الهجرة من معالم دار الهجرة.

ومنهم إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف وقاضي المدينة المؤرخ أبو بكر بن الحسين بن عمر القرشي المراغي رحمه الله المتوفى سنة 816 ، له كتاب : تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة .

ومنهم السيد علي بن عبد الله بن أحمد نور الدين، الحسني، السمهودي رحمه الله المتوفى سنة 911 .

مؤرخ المدينة، ومحدثها، ومفتيها، تصدر للتدريس بالمسجد النبوي، ودرس بالمسجد الحرام، له كتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى .

حقق ودقق ورصد ووصف بعناية كثيرا من آثار المدينة، وكان يذهب بنفسه ويقيس ويذرع كثيرا من الآثار والمعالم ويدونها في كتابه .

ومنهم الشيخ : محمد بن عبد الله بن محمد الحسيني المدني المشهور بكبريت، رحمه الله المتوفى سنة 1070 سيّد جليل يرجع نسبه إلى الحسين بن علي كثير النوادر، جمّ المناقب له كتاب : الجواهر الثمينة في محاسن المدينة .

ومنهم الشيخ العالم المقرئ الأديب المؤرخ أحمد ياسين أحمد الخياري رحمه الله المتوفى سنة 1380 هو شيخ القراء وأحد أدباء المدينة ومن مؤرخيها المعروفين، له كتاب : تاريخ معالم المدينة قديماً وحديثاً .

ومنهم الشيخ غالي محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله المتوفى سنة 1409 وله كتاب : الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم.

وليس المقام مقام استقصاء لمن ألف وكتب في آثار النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أو غيرها؛ وإلا طال بنا المقام ولكن إشارة ونبذة يسيرة في هذا الموضوع، ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق، وجزى الله خيرا علماءنا الأفذاذ الذين حفظوا لنا تاريخنا، وحفظوا لنا كثيرا من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته المكانية، ومن لا يهتم بماضيه لا يعرف قيمة حاضره، وصدق القائل :

اقرؤوا التاريخ إذ فيه العبر @ ضل قوم ليس يدرون الخبر.

وأخيرًا هذا كله يدعونا إلى المحافظة على مابقي من آثاره صلى الله عليه وسلم ودراسة سيرته المكانية وإظهارها بالمظهر اللائق بها، من غير غلو، ولا إجحاف وإهمال لها، وأن تعطى حقها من الاهتمام والعناية وتعريف الأمة والأجيال بها، والحمدلله أن هناك الآن توجهات عليا من قادتنا حفظهم الله على الاهتمام والعناية بالآثار النبوية والمعالم التاريخية وإبرازها بالمظهر اللائق بها وتعريف الأجيال عليها.

جاء في صحيفة عكاظ الصادرة بتاريخ 05/02/1435 هـ 9/12/2013م العدد : 4558

انتهاء حصر جميع المواقع الإسلامية في مكة والمدينة .. سلطان بن سلمان لـ عكاظ:

قرارات ملكية مشددة بعدم المساس بالآثار

أكد لـ(عكاظ) صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز الرئيس العام لهيئة السياحة والآثار، أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أحرص الناس على المحافظة على الآثار والمواقع الأثرية والتراثية، كما أن خادم الحرمين الشريفين أصدر عدة قرارات تختص بالحفاظ على الآثار

ثم أطلق صاحب السمو الملكي أمير منطقة المدينة المنورة الأمير فيصل بن سلمان حفظه الله مبادرة لتعريف طلاب المدارس بالمواقع التاريخية بالمدينة وهي خطوة ممتازة يشكر عليها جزاه الله خيرا، وكان انطلاقها صباح يوم الثلاثاء ١٤٣٧/٤/٩ هـ في رحاب جامعة طيبة وأطلق على المبادرة اسم ( إنّها طيْبة ).

وفي تاريخ 6/5/1437 تفقد سموه الموقع التاريخي لسوق المناخة غرب المسجد النبوي الذي يعد من المعالم المرتبطة بعهد النبي صلى الله عليه وسلم .

ثم يبشرنا أنه تلقى توجيهات عليا من الدولة، بالعمل على «إحياء ميراث النبوة حساً ومعنى» في المدينة التي تحتفظ بالكم الأكبر من آثار النبي صلى الله عليه وسلم، وينظر إليها صانع القرار على أنها «عاصمة الإسلام الأولى».

وطبقاً للتوجيهات نفسها دعا أمير المنطقة «أمانة المدينة» إلى دراسة إتاحة سوق «المناخة» التاريخي للمستحقين، وبحث تمكين الباعة الجائلين من استخدامها لعرض بضائعهم.

وأكد الأمير فيصل أن توجيهات خادم الحرمين الشريفين تؤكد أهمية العناية بتراث الأمة وميراث النبوة حساً ومعنى، بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية. وأضاف: «إحياء تراث الأمة وميراث النبوة رسالة سامية نعمل لأجلها؛ لأن المدينة النبوية شهدت معالم التنزيل، وبناء الحضارة التي شع منها نور الإسلام، بصفتها أول عاصمة إسلامية انطلقت منها الرسالة إلى العالم أجمع.

فقد حسم الجدل في هذه المسألة ووضع النقاط على الحروف ولا يصح إلا الصحيح .

ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام، قيام مبادرات تطوعية من أبناء طيبة الطيبة المهتمين بالآثار النبوية والمعالم التاريخية بالمدينة المنورة وقيامهم بإنشاء مجموعات تضم نخبة من الباحثين والأكاديميين المتميزين للحفاظ على آثار المدينة وإبرازها بمظهرها اللائق، كمجموعة : إنها طيبة المهتمة بثقافة وحضارة وتراث المدينة المنورة

ومجموعة : معالم وآثار المدينة المنورة.

ومن المواقع الإلكترونية موقع طيبة نت الذي بذل جهدا طيبا مباركا مشكورا في العناية بالآثار والمواقع التاريخية وتوثيقها بالصور والإحداثيات والمعلومات .

فجزى الله الجميع خير الجزاء وأجزل لهم الأجر والثواب.

وبعد أيها الأحباب هذا ما وفق الله عليه وأعان، فإن كان صوابا فمن الله وإن كان فيه خطأ فمن نفسي وأستغفر الله منه، وما أردت إلا الخير، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

أعده وكتبه الباحث التاريخي في معالم المدينة المنورة :الأستاذ عبدالعزيز بن عبدالرحمن الرفاعي

أضف تعليقك...

  • 1146 زيارات اليوم

  • 46481762 إجمالي المشاهدات

  • 2987178 إجمالي الزوار