من الطريف أن نعلم أن اللغة الإنجليزية كانت تدرس منذ بداية توحيد المملكة في 1932م ، بل قبيل ذلك العام بقليل. ولدينا بعض الوثائق التاريخية التي تعطينا نظرة عامة عن طبيعة تعليم الإنجليزية وتعلمها في ذلك الوقت. ورغم عدم اتفاق الباحثين حول تاريخ لبداية استقدام تعليم الإنجليزية في المدارس النظامية بالمملكة أو أول مقرر دراسي يتم استخدامه، فالمتفق عليه أن الإنجليزية كانت تدرس في المرحلة الابتدائية منذ الصف الأول الابتدائي، وربما يكون أول مقرر دراسي هو The Basic Way to English الذي وضعه Charles Ogden مؤسس نظرية الإنجليزية الأساسية Basic English والذي صدر في عام 1933 والذي ظهر في بعض الصور التي التقطتها عدسات شركة أرامو في ذلك الوقت. 

وأول الوثائق التاريخية التي حصلنا عليها من متحف التعليم بالرياض، اختبار اللغة الإنجليزية للصف الرابع الابتدائي بالمدينة المنورة لعام 1349 . 

والملاحظ على هذا الاختبار التالي: 

1ـ أن الاختبار كله كتابي، ولا مجال للإجابة في نفس الورقة، بل لابد من وجود ورقة / أو دفتر إجابة منفصل. 

2ـ أن الاختبار يحتوى على قدر كبير من الترجمة من الانجليزية إلى العربية وبالعكس ( السؤال الأول والثاني ونصف الثالث( 

3ـ أن الاختبار يتضمن جوانب قراءة وكتابة كثيرة ( نصف السؤال الثالث والسؤال الخامس والسادس( 

4ـ أنه يقيس تذكر المفردات معنى وهجاء واستخداما، فالمطلوب من الطالب أن يذكر أسماء الشهور وأيام الأسبوع، لكن مطلوب منه كذلك أن يكتب أربعة جمل كاملة إملاء، ثم مطلوب منه أن يجيب على أسئلة ويترجم الأسئلة والإجابة كليهما. 

5ـ أن الاختبار به جزء استماع يتمثل في الإملاء (والذي لا يقتصر على إملاء الكلمات بل يتعداه إلى إملاء الجمل).. وهذا ما يجعلنا نجزم أن الاختبار لا يوزع على الطلاب- بل هذه نسخة المعلم ، أو أن الاختبار كان وقتها يكتب على السبورة للطلاب بدون جزء الإملاء. 

هذا من ناحية الشكل، أما من ناحية المضمون، فنلاحظ أن الأسئلة مستواها مرتفع بالنسبة لطلاب هذه المرحلة، بل بالنسبة لطلاب المرحلة الثانوية – وربما الجامعية – الآن. خاصة في تعبيرات مثل have somebody to tea والتي تشير إلى الدعوة لتناول الطعام فضلا عن مجرد الشاي كما في التعبيرات البريطانية العتيقة. 

ولا نغفل عن جودة خط المعلم وعنايته بأسلوب الكتابة. 

الوثيقة الثانية التي لدينا هي كشف درجات التلاميذ لشهري شعبان ورمضان بالمدرسة الابتدائية بالمدينة المنورة لعام 1355 ونلاحظ فيه التالي: 

1ـ كتب المعلم درجات كل شهر بلون مختلف، فجعل درجات شعبان بالحبر الأزرق، ودرجات رمضان بالحبر الأحمر. 

2ـ كانت العلوم التي تدرس هي: العلوم الدينية ( القرآن – التجويد – التوحيد -الفقه – التهذيب) 

والعلوم العربية (القواعد – الإنشاء – المحادثة – المطالعة – المحفوظات – الإملاء – الخط( 

العلوم الاجتماعية :ــ 

(التاريخ – خواص الأجسام [الفيزياء] – تقويم البلدان [الجغرافيا] – الصحة [العلوم العامة])

العلوم الرياضية (الحساب – الهندسة – مسك الدفتر [الإحصاء ؟[) 

اللغة الإنكليزية (القراءة – الترجمة – الخط) 

ثم هناك درجات للمواظبة والسلوك. 

3ـ وما يعنينا بالدرجة الأولى هو أن الانجليزية كانت تدرس على مستويات تفصيلية تهتم بشكل كبير بالقراءة، والترجمة (أي الكتابة بالإنجليزية والعربية) وتحسين جودة الخط في الكتابة بالإنجليزية. 

4ـ ونلاحظ تفاوت درجات الطلاب ما بين المتميزين الذين يحصلون على 9 أو 10 من 10، وما بين المتوسطين الذي يحصلون على 5 أو 6 من 10 والضعاف الذين يحصلون على 2 أو 3 من 10. 

وهاتان الوثيقتان تعكسان اهتماما كبيرا في تلك الفترة بالانضباط في التعليم والمتابعة في المدرسة الابتدائية في المدينة المنورة. 

إعداد الدكتور عنتر عبد اللاه

لمشاهدة الصور اضغط هنا ..